الحلقة السادسة "الكاملة" من ألدار كوسى : ((كيف عاقب ألدار كوسى الشيخ الجشع))
2 مشترك
الحلقة السادسة "الكاملة" من ألدار كوسى : ((كيف عاقب ألدار كوسى الشيخ الجشع))
[size=18]كيف عاقب ألدار كوسى الشيخ الجشع
كانت صناديق الشيخ تغصّ بنذور المؤمنين ، ولكنّه كان يطمع في المزيد . وندر أن تجد شخصاً لم يسمع من الشيخ كلمة : ((هات)) ، ولم يكن هناك أحدٌ سمع منه كلمة : ((خذ)) .
وسمع ألدار موسى عن بخل الشيخ ونفاقه فقرّر أن يعاقبه .
وذات مرّة كان الشيخ راكباً حماره متوجّهاً من إحدى القرى إلى قريةٍ أخرى ، فسمع شخصاً يبكي بحرقةٍ بجوار الطريق . فما هذا ؟ ألا يبكي هذا الرجل قريباً له مات ؟ فأسرع الشيخ نحوه . والمثل يقول : (الماشية تسمن من كثرة العلف ، والشيخ من كثرة الأموات) .
وعندما وصل الشيخ إلى بئرٍ قديمة بجوار الطريق رأى رجلاً جالساً يبكي وقد ألقى رأسه على ركبتيه .
فسأله الشيخ :
- ماذا حدث ؟
فاستمرّ الرجل يعول قائلاً :
- مصيبة ، مصيبة !
- أيّة مصيبة ؟ هل مات أحد أقربائك ؟
- بل أسوأ .
- ما الذي يمكن أن يكون أسوأ ؟
- لقد نهبني ألدار كوسى الملعون .
- ألدار كوسى ؟ هذا الكافر لا يتورّع عن أيّ شيء . أنا لم أره ، ولكنّي سمعت من الناس عنه . ماذا فعل بك ؟
- التقيت به صدفةً عند هذه البئر . فجلسنا نتحدّث ، وطلب منّي أن أعطيه قليلاً من السعوط ، فمددتُ له كيس . سعوطي القديم ، فاختطفه الملعون وألقاه في البئر ..
فضحك الشيخ وقال :
- وهل يستحقّ كيس سعوطٍ قديم ـ حتى لو كان مليئاً بالسعوط ـ أن تقيم من أجله كلّ هذه الضجة ؟!
فصاح الرجل الغريب وهو يعول أكثر من ذي قبل :
- ولكنّ الكيس كان فيه ثلاث قطع ذهبيّة ، هي كلّ ثروتي !
فقفز الشيخ مترجّلاً عن حماره وسأل بلهفة :
- تقول في الكيس ثلاث قطع ذهبية ؟ فلماذا لا تنزل وراءها إلى البئر أيّها الأحمق ؟ فالبئر ليست عميقة .
- وكيف أنزل وليس معي حبل ؟
فلمعت عينا الشيخ جشعاً وقال :
- اسمع ، سأعيرك رسن الحمار إذا أعطيتني قطعة .
فقال الرجل :
- حفظك الله يا مولانا . بكلّ سرورٍ سأعطيك القطعة ، ولكنّي أخشى ألا يفيدني الرسن في شيء .
- ولماذا ؟
- لأنّي منذ صغري أخشى الماء البارد أكثر من أيّ شيء ، والأسهل أن أموت على أن أنزل البئر ..
فقال الشيخ لنفسه : (يا له من أحمق! من أجل النقود أنا مستعدٌّ أن أنزل إلى الجحيم لا إلى هذا البئر) . أمّا جهراً فقال :
- حسناً ، ما دام الأمر هكذا فسأساعدك . سأنزل البئر وأخرج من قاعها نقودك . ولكن بشرط أن تعطيني قطعتين مكافأةً على مجهودي ومخاطرتي .
- سأعطيك بلا أسف . فالنقود ستضيع . حسناً ، أنت قطعتين وأنا قطعة .
وعلى الفور نزع الشيخ ملابسه ، ونظر إلى البئر برهبةٍ وقال وهو يمسك بطنه :
- امسك الرسن جيّداً ، وعندما أنتشل الكيس شدّني .
وهبط الشيخ وهو يزفر إلى البئر متعلّقاً بالرسن .
ومن أعماق البئر تردد صوته :
- دلّني شيئاً فشيئاً ، ولكن بحذر . ما لك تتباطأ ؟
فسمع الشيخ صوت الغريب في الأعلى :
- ولِمَ العجلة يا مولانا ، فالمثل يقول : (المتأنّي يلحق بالأرنب ولو على ظهر عربة) . وأنا أتباطأ لأنّي أفكّر . وإليك ما أفكّر فيه : ترى هل أصارحك فوراً بأنّه ليس هناك نقودٌ في البئر ؟
فصرخ الشيخ :
- كيف ؟ ليس هناك نقودٌ في البئر ؟ أيّها المحتال ! إذاً فقد كذبت عليّ بأنّ ألدار كوسى سخر منك ؟
- نعم ، كذبت . فسامحني يا مولانا ! صحيحٌ أنّ ألدار كوسى سخر ولكن ليس منّي بل منك . ألدار كوسى هو أنا .
فصاح الشيخ :
- آه ، يا لسوء حظّي !
وأفلت الرسن من يده فهوى في الماء .
لم تكن البئر فعلاً عميقة ، فوقف الشيخ في الماء إلى وسطه ، وراح يسبّ ويلعن ويهدّد ، ولكنّه سرعان ما أدرك أنّ ذلك لن يفيده بشيء مع ألدار ، الذي أخذ يقهقه بمرحٍ مطلاً في البئر . وعندئذٍ غيّر الشيخ لهجته :
- ألدار يا عزيزي ! أنا لستُ مستاءً منك لمزحتك المهتوّرة ، فلا تغضب أنت أيضاً . كفاك مزاحاً ، وألقِ إليّ الحبل بسرعة ، وساعدني يا أخي على الخروج من البئر .
لكنّ ألدار جلس على الحمار ومضى إلى حيث كان يريد ، بعد أن أخفى جيّداً ملابس الشيخ . أمّا الشيخ فظلّ في البئر ساعاتٍ طويلة ، إلى أن أخرجه منها تجّارٌ عابرون .
_ انتهت _
كانت صناديق الشيخ تغصّ بنذور المؤمنين ، ولكنّه كان يطمع في المزيد . وندر أن تجد شخصاً لم يسمع من الشيخ كلمة : ((هات)) ، ولم يكن هناك أحدٌ سمع منه كلمة : ((خذ)) .
وسمع ألدار موسى عن بخل الشيخ ونفاقه فقرّر أن يعاقبه .
وذات مرّة كان الشيخ راكباً حماره متوجّهاً من إحدى القرى إلى قريةٍ أخرى ، فسمع شخصاً يبكي بحرقةٍ بجوار الطريق . فما هذا ؟ ألا يبكي هذا الرجل قريباً له مات ؟ فأسرع الشيخ نحوه . والمثل يقول : (الماشية تسمن من كثرة العلف ، والشيخ من كثرة الأموات) .
وعندما وصل الشيخ إلى بئرٍ قديمة بجوار الطريق رأى رجلاً جالساً يبكي وقد ألقى رأسه على ركبتيه .
فسأله الشيخ :
- ماذا حدث ؟
فاستمرّ الرجل يعول قائلاً :
- مصيبة ، مصيبة !
- أيّة مصيبة ؟ هل مات أحد أقربائك ؟
- بل أسوأ .
- ما الذي يمكن أن يكون أسوأ ؟
- لقد نهبني ألدار كوسى الملعون .
- ألدار كوسى ؟ هذا الكافر لا يتورّع عن أيّ شيء . أنا لم أره ، ولكنّي سمعت من الناس عنه . ماذا فعل بك ؟
- التقيت به صدفةً عند هذه البئر . فجلسنا نتحدّث ، وطلب منّي أن أعطيه قليلاً من السعوط ، فمددتُ له كيس . سعوطي القديم ، فاختطفه الملعون وألقاه في البئر ..
فضحك الشيخ وقال :
- وهل يستحقّ كيس سعوطٍ قديم ـ حتى لو كان مليئاً بالسعوط ـ أن تقيم من أجله كلّ هذه الضجة ؟!
فصاح الرجل الغريب وهو يعول أكثر من ذي قبل :
- ولكنّ الكيس كان فيه ثلاث قطع ذهبيّة ، هي كلّ ثروتي !
فقفز الشيخ مترجّلاً عن حماره وسأل بلهفة :
- تقول في الكيس ثلاث قطع ذهبية ؟ فلماذا لا تنزل وراءها إلى البئر أيّها الأحمق ؟ فالبئر ليست عميقة .
- وكيف أنزل وليس معي حبل ؟
فلمعت عينا الشيخ جشعاً وقال :
- اسمع ، سأعيرك رسن الحمار إذا أعطيتني قطعة .
فقال الرجل :
- حفظك الله يا مولانا . بكلّ سرورٍ سأعطيك القطعة ، ولكنّي أخشى ألا يفيدني الرسن في شيء .
- ولماذا ؟
- لأنّي منذ صغري أخشى الماء البارد أكثر من أيّ شيء ، والأسهل أن أموت على أن أنزل البئر ..
فقال الشيخ لنفسه : (يا له من أحمق! من أجل النقود أنا مستعدٌّ أن أنزل إلى الجحيم لا إلى هذا البئر) . أمّا جهراً فقال :
- حسناً ، ما دام الأمر هكذا فسأساعدك . سأنزل البئر وأخرج من قاعها نقودك . ولكن بشرط أن تعطيني قطعتين مكافأةً على مجهودي ومخاطرتي .
- سأعطيك بلا أسف . فالنقود ستضيع . حسناً ، أنت قطعتين وأنا قطعة .
وعلى الفور نزع الشيخ ملابسه ، ونظر إلى البئر برهبةٍ وقال وهو يمسك بطنه :
- امسك الرسن جيّداً ، وعندما أنتشل الكيس شدّني .
وهبط الشيخ وهو يزفر إلى البئر متعلّقاً بالرسن .
ومن أعماق البئر تردد صوته :
- دلّني شيئاً فشيئاً ، ولكن بحذر . ما لك تتباطأ ؟
فسمع الشيخ صوت الغريب في الأعلى :
- ولِمَ العجلة يا مولانا ، فالمثل يقول : (المتأنّي يلحق بالأرنب ولو على ظهر عربة) . وأنا أتباطأ لأنّي أفكّر . وإليك ما أفكّر فيه : ترى هل أصارحك فوراً بأنّه ليس هناك نقودٌ في البئر ؟
فصرخ الشيخ :
- كيف ؟ ليس هناك نقودٌ في البئر ؟ أيّها المحتال ! إذاً فقد كذبت عليّ بأنّ ألدار كوسى سخر منك ؟
- نعم ، كذبت . فسامحني يا مولانا ! صحيحٌ أنّ ألدار كوسى سخر ولكن ليس منّي بل منك . ألدار كوسى هو أنا .
فصاح الشيخ :
- آه ، يا لسوء حظّي !
وأفلت الرسن من يده فهوى في الماء .
لم تكن البئر فعلاً عميقة ، فوقف الشيخ في الماء إلى وسطه ، وراح يسبّ ويلعن ويهدّد ، ولكنّه سرعان ما أدرك أنّ ذلك لن يفيده بشيء مع ألدار ، الذي أخذ يقهقه بمرحٍ مطلاً في البئر . وعندئذٍ غيّر الشيخ لهجته :
- ألدار يا عزيزي ! أنا لستُ مستاءً منك لمزحتك المهتوّرة ، فلا تغضب أنت أيضاً . كفاك مزاحاً ، وألقِ إليّ الحبل بسرعة ، وساعدني يا أخي على الخروج من البئر .
لكنّ ألدار جلس على الحمار ومضى إلى حيث كان يريد ، بعد أن أخفى جيّداً ملابس الشيخ . أمّا الشيخ فظلّ في البئر ساعاتٍ طويلة ، إلى أن أخرجه منها تجّارٌ عابرون .
_ انتهت _
عدل سابقا من قبل Divine Devil في السبت مايو 10, 2008 9:30 am عدل 2 مرات (السبب : تجربة فاشلة)
Divine Devil- عضوية ماسـية
- عدد الرسائل : 79
العمر : 44
تاريخ التسجيل : 02/04/2008
رد: الحلقة السادسة "الكاملة" من ألدار كوسى : ((كيف عاقب ألدار كوسى الشيخ الجشع))
شكرا على الموضوع الرائع
انا كنت بدور على الكتاب ده من فترة هل ممكن تقول لى دار النشر او فين ممكن الاقى الكتاب ده
انا كنت بدور على الكتاب ده من فترة هل ممكن تقول لى دار النشر او فين ممكن الاقى الكتاب ده
طارق شريف- عدد الرسائل : 1
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى