ألدار كوسى
2 مشترك
ألدار كوسى
هو شخصية هزلية منتشرة في القصص القازاخية الشعبية القديمة ، أعارني الكتاب صديقي Selfmartyr فأعجبتني قصص هذا الشخص كثيراً ، فهي مسلية ولها مغزىً .
فأحببت أن تشاركوني هذه المتعة .
ولكن ........
سأسرد لكم قصصه واحدة تلو الأخرى ، يوماً بعد يوم . اتفقنا؟
حسناً لنبدأ ...........
زعموا أنّه كان فيما مضى من أيام عصر كانت الدنيا فيه تقوم على القرن الأيمن لثور رمادي ، وكانت السماء لا تتجاوز فرشة السرج ، والأرض لا تزيد على حافر حصان ، وكانت الذئاب تأكل العشب ، والقبرات تعشش على ظهور الغنم ، وعندما كان ظل نجيلة واحدة يحمي من الشمس آلاف القطعان ، وذيول الحيوانات والطيور تنبت لتوها ، وكان الثعلب مشهوراً بالتقوى ، وكان سيداً على الجميع ..
ربما في ذلك العصر ، وربما في عصر آخر ، كان العجوز كوجير ، ذو اللحية البيضاء يعيش آخر أيامه ، وكان لديه ثلاثة أبناء ، ثلاثة فرسان أمجاد .
وذات يوم قال كوجير لأبنائه :
- يا أولادي ، لقد نال مني الضعف ، وآن لي أن أمضي في رحلتي الأخيرة . وأشعر أن ضميري صاف كمياه النبع ، ولا أخاف الموت . ولكني أريد أن أعرف قبل مماتي كيف تزمعون أن تعيشوا بدوني ، وأية طرق ستختارونها . فكروا في الأمر وأجيبوني . واذكروا أنّ الرجل الطيب يترك وراءه أثراً طيباً .
فقال أكبر الأبناء :
- منذ صغري وقلبي متعلق بالأرض ، ليس هناك ما هو أفضل من حرث الحقل وعزق النبات حتى تكفي الخبز الجميع .
فباركه الأب قائلاً :
- فلتكن زارعاً يا بني .
وقال الابن الأوسط :
- أما أنا فأهوى حياة الرعاة ، أحب الخيل والجِمال ، والأغنام والأبقار والمعيز . وأكبر سعادة بالنسبة لي أن أرعى الماشية ، لكي يكون لدى الناس لحم ولبن وكوميس* وملابس وشعر لبناء الخيام .
فبارك كوجير ابنه قائلاً :
- فلتكن راعي ماشية يا بني .
وقال الابن الأصغر :
- أما أنا فأهوى الغناء والضحك وإضحاك الآخرين ، أية عيشةٍ هذه التي تخلو من الأغاني والنكات والتعليقات اللاذعة !
سأطوف بالدنيا كلها ، وسأذهب إلى أماكن لم يذهب إليها أحد ، وسأظهر في القرى والمراعي والطرقات ومحطات القوافل ، وفي الأسواق والاحتفالات وفي الأكواخ والقصور .
سوف أخدع المخادعين وأخلّص المخدوعين ، سأُنزِل الحزن في قلوب الطغاة وأبعث المرح في نفوس المستضعفين ، سأهزأ بالعاطلين وأشجع الكادحين ، وبالكلمة الجرئية أُسقِط المتكبّرين وأُنهِض الضعفاء .
سيكرهني المئات ، ولكن الآلاف سيصبحون أصدقائي ، وربما ظلّ الناس يذكرون دوما اسمي ((ألدار كوسى))**
أصغى الأب لابنه وابتسم :
- كلامك جميل يا ولدي ، إنّ الله لم يهبك لحية ، ولكنه وهبك ذكاء حاداً ، وقلباً كبيراً ، وطبعاً مرِحاً ، ولساناً سريعاً .
فلتفعل ما قررت ، وليُنزِل اسمك الخوف والحزن في قلوب الأشرار ، وليواس ويسعد الأخيار ، ولينتقل من فمٍ إلى فمٍ ، ومن نسلٍ إلى نسلٍ ، ومن عصرٍ إلى عصرٍ ، ومن حكايةٍ إلى حكاية .
إنني أهبك بركات الوالد ، فلتبدأ طريقك يا ألدار كوسى .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* الكوميس : شراب مخمّر من لبن الخيول .
** ألدار كوسى تعني في القازاخية : المخادع الأجرد أو الساخر الأجرد ، اسم التدليل (ألداركين) .
وإلى اللقاء مع قصة جديدة .
فأحببت أن تشاركوني هذه المتعة .
ولكن ........
سأسرد لكم قصصه واحدة تلو الأخرى ، يوماً بعد يوم . اتفقنا؟
حسناً لنبدأ ...........
زعموا أنّه كان فيما مضى من أيام عصر كانت الدنيا فيه تقوم على القرن الأيمن لثور رمادي ، وكانت السماء لا تتجاوز فرشة السرج ، والأرض لا تزيد على حافر حصان ، وكانت الذئاب تأكل العشب ، والقبرات تعشش على ظهور الغنم ، وعندما كان ظل نجيلة واحدة يحمي من الشمس آلاف القطعان ، وذيول الحيوانات والطيور تنبت لتوها ، وكان الثعلب مشهوراً بالتقوى ، وكان سيداً على الجميع ..
ربما في ذلك العصر ، وربما في عصر آخر ، كان العجوز كوجير ، ذو اللحية البيضاء يعيش آخر أيامه ، وكان لديه ثلاثة أبناء ، ثلاثة فرسان أمجاد .
وذات يوم قال كوجير لأبنائه :
- يا أولادي ، لقد نال مني الضعف ، وآن لي أن أمضي في رحلتي الأخيرة . وأشعر أن ضميري صاف كمياه النبع ، ولا أخاف الموت . ولكني أريد أن أعرف قبل مماتي كيف تزمعون أن تعيشوا بدوني ، وأية طرق ستختارونها . فكروا في الأمر وأجيبوني . واذكروا أنّ الرجل الطيب يترك وراءه أثراً طيباً .
فقال أكبر الأبناء :
- منذ صغري وقلبي متعلق بالأرض ، ليس هناك ما هو أفضل من حرث الحقل وعزق النبات حتى تكفي الخبز الجميع .
فباركه الأب قائلاً :
- فلتكن زارعاً يا بني .
وقال الابن الأوسط :
- أما أنا فأهوى حياة الرعاة ، أحب الخيل والجِمال ، والأغنام والأبقار والمعيز . وأكبر سعادة بالنسبة لي أن أرعى الماشية ، لكي يكون لدى الناس لحم ولبن وكوميس* وملابس وشعر لبناء الخيام .
فبارك كوجير ابنه قائلاً :
- فلتكن راعي ماشية يا بني .
وقال الابن الأصغر :
- أما أنا فأهوى الغناء والضحك وإضحاك الآخرين ، أية عيشةٍ هذه التي تخلو من الأغاني والنكات والتعليقات اللاذعة !
سأطوف بالدنيا كلها ، وسأذهب إلى أماكن لم يذهب إليها أحد ، وسأظهر في القرى والمراعي والطرقات ومحطات القوافل ، وفي الأسواق والاحتفالات وفي الأكواخ والقصور .
سوف أخدع المخادعين وأخلّص المخدوعين ، سأُنزِل الحزن في قلوب الطغاة وأبعث المرح في نفوس المستضعفين ، سأهزأ بالعاطلين وأشجع الكادحين ، وبالكلمة الجرئية أُسقِط المتكبّرين وأُنهِض الضعفاء .
سيكرهني المئات ، ولكن الآلاف سيصبحون أصدقائي ، وربما ظلّ الناس يذكرون دوما اسمي ((ألدار كوسى))**
أصغى الأب لابنه وابتسم :
- كلامك جميل يا ولدي ، إنّ الله لم يهبك لحية ، ولكنه وهبك ذكاء حاداً ، وقلباً كبيراً ، وطبعاً مرِحاً ، ولساناً سريعاً .
فلتفعل ما قررت ، وليُنزِل اسمك الخوف والحزن في قلوب الأشرار ، وليواس ويسعد الأخيار ، ولينتقل من فمٍ إلى فمٍ ، ومن نسلٍ إلى نسلٍ ، ومن عصرٍ إلى عصرٍ ، ومن حكايةٍ إلى حكاية .
إنني أهبك بركات الوالد ، فلتبدأ طريقك يا ألدار كوسى .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* الكوميس : شراب مخمّر من لبن الخيول .
** ألدار كوسى تعني في القازاخية : المخادع الأجرد أو الساخر الأجرد ، اسم التدليل (ألداركين) .
وإلى اللقاء مع قصة جديدة .
Divine Devil- عضوية ماسـية
- عدد الرسائل : 79
العمر : 44
تاريخ التسجيل : 02/04/2008
رد: ألدار كوسى
شكرا لك
بصراحة .. تفاجأت بمساهمتك هذه
و قد قرأت الكتاب كاملا منذ ما يزيد عن 15 سنة , و هو بالفعل يحتوي على قصص ظريفة و معبرة .
خاصة و أن ألدار كوسي شخصية كوميدية ظريفة , أظن بأنه ما من شخص يقرأ نوادره إلا و سيحبه بالتاكيد .
تحياتي
بصراحة .. تفاجأت بمساهمتك هذه
و قد قرأت الكتاب كاملا منذ ما يزيد عن 15 سنة , و هو بالفعل يحتوي على قصص ظريفة و معبرة .
خاصة و أن ألدار كوسي شخصية كوميدية ظريفة , أظن بأنه ما من شخص يقرأ نوادره إلا و سيحبه بالتاكيد .
تحياتي
زائر- زائر
رد: ألدار كوسى
شكرا على هذا الموضوع القيم
وعلى هذه القصة الرائعة
وأرجو أن تستمري في إرسال لنا هذه القصص
وعلى هذه القصة الرائعة
وأرجو أن تستمري في إرسال لنا هذه القصص
aiman_20687- عضوية ماسـية
- عدد الرسائل : 799
العمر : 35
تاريخ التسجيل : 09/04/2008
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى